حذّر تقرير حقوقي جديد من “تصاعد مقلق في الهجمات الممنهجة” من قبل قوات نظام الأسد وروسيا على المدارس في شمال غربي سورية، مشيراً إلى خروج مئات المدارس من الخدمة، ووجود أكثر من 2.45 مليون طفل خارج المدرسة في جميع أنحاء سورية.
وجاء ذلك في تقرير صادر عن الدفاع المدني السوري ومنظمة “حراس الطفولة” تحت عنوان “إحاطة سياسات: تصاعد مقلق في الهجمات على المدارس شمال غربي سورية”.
وأوضح التقرير أن الهجمات المتعمدة على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمرافق التعليمية، سمة مميزة للأزمة الإنسانية في سورية، حيث لم تدمر الهياكل المادية فحسب، بل دمرت أيضاً مستقبل سورية.
وأضاف أن “سنوات الحرب خلفت آثاراً ستمتد لأجيال”، موضحاً أن “نظام التعليم يعاني من ضغوط شديدة، حيث تضررت العديد من المرافق جزئياً أو دمرت بالكامل، مما ترك ندبة دائمة على الأطفال، وذلك نتيجة مباشرة للهجمات المتعمدة على المرافق التعليمية والأحياء المدنية”.
وذكر التقرير أن أكثر من 2.45 مليون طفل خارج المدرسة في جميع أنحاء سورية، وتمثل منطقة شمال غربي سورية أعلى النسب، حيث يبلغ عدد الأطفال خارج المدارس في إدلب 69 %، وفي حلب 38 %.
وأوضح التقرير أن “هناك العديد من العوامل التي قد تسهم في هذه الأرقام الباهظة، ومنها الأضرار التي لحقت بالمرافق التعليمية بسبب الحرب المستمرة والهجمات المتعمدة على البنية التحتية المدنية والأحياء، والهجمات على العاملين في المجال التعليمي والطلاب”.
وأشار التقرير إلى أنه وفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن 1054 مدرسة تضررت في شمال غربي سورية، مما أدى إلى خروج مئات المدارس من الخدمة، مضيفاً أنه في حين تباينت هذه الهجمات على المرافق التعليمية على مدى السنوات الـ 13 الماضية، فقد كانت هناك زيادة ملحوظة في الهجمات على التعليم على مدار العام الماضي.
ووفق التقرير، فإنه بين أيلول 2023 وأيلول 2024، كان هناك ما مجموعه 43 هجوماً على المدارس، مقارنة بـ 8 هجمات فقط في 2022 – 2023، و10 هجمات في 2022 – 2021، بما يمثل زيادة أكثر من 200 %.
وشدد التقرير على أنه ومنذ عام 2011، دمرت العمليات العسكرية والقصف المنهجي من قبل القوات الروسية وقوات النظام، آلاف المدارس، مضيفاً أن هذه الهجمات المتكررة على البنية التحتية المدنية في المناطق المأهولة بالسكان، توحي بأنها “كانت متعمدة”.
ولفت التقرير إلى أن الهجمات على المدارس في شمال غرب سورية، شهدت زيادة ملحوظة خلال الأشهر الـ 12 الماضية، لا سيما بعد التصعيد العسكري في تشرين الأول من عام 2023، والذي تميز بنمط ممنهج لاستهداف الأحياء المدنية.
وأوضح التقرير أن شهر تشرين الأول من عام 2023 وحده، تضررت أو دمرت 27 مدرسة في شمال سورية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقال التقرير إنه ومنذ التصعيد في تشرين الأول 2023، وثقت منظمة “حراس الطفولة” ما مجموعه 47 هجوماً على 40 مدرسة، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل طفل ومعلمة، وإصابة 9 أطفال ومعلم آخر.
في حين وثق التقرير خلال عام 2024 ما مجموعه 15 هجمة على 14 مدرسة في شمال غرب سورية.
وأكد التقرير على أن هذه الهجمات على المدارس أدت إلى تفاقم الأضرار على نظام التعليم المجهد بشدة أصلاً، وتلك الموجودة مسبقاً والتي لحقت بالمرافق التعليمية في شمال غرب سورية بسبب سنوات الحرب وكذلك الزلازل الأخيرة في فبراير 2023.
وأوصى التقرير الدول بالتركيز على التصدي للهجمات على المدارس، والحاجة إلى المساءلة في أي قرار ذي صلة بوضع الأطفال في سورية في جميع المنتديات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان.
ودعا التقرير المجتمع الدولي، بما في ذلك لجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن سورية، إلى تفعيل آليات المساءلة، ونسب الجرائم بوضوح إلى مرتكبيها الفعليين.
كما دعا لجان التحقيق إلى إنشاء هيئات محلية أو دعم اللجان المحلية داخل سورية لتوثيق الجرائم ضد الأطفال، بما في ذلك الهجمات على المدارس.
وحثَّ التقرير المجتمع الدولي إلى تمديد ولاية لجنة تقصي الحقائق الدولية المعنية بسورية في آذار 2025، وتوسيع هذه الولاية للتركيز بشكل أكبر على الانتهاكات ضد الأطفال، وتخصيص جميع الموارد والتخصصات اللازمة لرصد وتوثيق الانتهاكات ضد الأطفال.
وشدد على أهمية دعم إعلان وطني للمدارس الآمنة في سورية، يشمل تعريفاً أوسع للهجمات على التعليم ويحظى بتأييد مختلف الجهات الفاعلة المحلية وسلطات الأمر الواقع.
فيما شدد الائتلاف الوطني السوري على أن أكبر معوّقات العملية التعليمية كان ومازال استمرار قصف وتدمير المنشآت التعليمية من قبل عصابات الأسد وداعميه، مما أدى لحرمان أطفال وشباب سورية من حقهم في التعليم في بيئة آمنة.
وأكد الائتلاف الوطني على حق الأطفال والشباب السوريين في التعليم، وتأمين ما يلزم لهم لإتمام العملية التعليمية بشكل سليم وآمن، وذلك عبر التحرك الدولي الجاد لإيقاف الهجمات على المدنيين والمنشآت التعليمية، ودعم العملية التعليمية في المناطق المحررة التي تديرها الحكومة السورية المؤقتة، لضمان مستقبل مئات الآلاف من الأطفال وحمايتهم من الجهل والتطرف، حيث إن ضمان التنمية والازدهار والاستقرار في أي مجتمع يستند أولاً إلى التعليم.
واعتبر الائتلاف الوطني أن الأسد وعصاباته وداعميهم يتعمّدون بشكل ممنهج، قصف واستهداف مظاهر الاستقرار والحياة كافة في المناطق المحررة، دون إيلاء أي اهتمام أو قيمة للقوانين والمعاهدات والقرارات الدولية، التي تجرّم استهداف المدنيين والمدارس والبنى التحتية، مستغلاً تراخي المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها.
المصدر: الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري