أعرب منسق مجموعة عمل اللاجئين والنازحين في الائتلاف الوطني السوري أحمد بكورة، عن التقدير العميق للجهود المتواصلة التي يبذلها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في تحسين الأوضاع الإنسانية للسوريين العائدين من لبنان واللاجئين اللبنانيين إلى سورية، رغم التحديات الجسيمة والمخاطر المعقدة المرتبطة بهذا الملف الحساس، مشيراً إلى أن التزام المفوضية بحماية حقوق اللاجئين وضمان سلامتهم يشكل حجر الأساس للعمل الإنساني، وهو أمر محط تقدير واحترام.
وقال بكورة إنه من الضروري التأكيد على أن نظام الأسد يُعد السبب الرئيسي للأزمات التي واجهها الشعب السوري، وفي مقدمتها أزمة اللجوء، فقد تسببت مجازر النظام وانتهاكاته الجسيمة بحق المدنيين في فرار الملايين بحثاً عن الأمان، ومن ثم فإن إشراك النظام أو الاعتماد عليه في أي جهود لإعادة اللاجئين يتعارض مع الحقائق على الأرض، حيث يستمر النظام في ممارسة نفس الأساليب القمعية التي أدت إلى تهجيرهم في المقام الأول.
ولفت بكورة إلى أن نسبة ليست بالقليلة من السوريين العائدين من لبنان ليسوا مهاجرين اقتصاديين، بل هم لاجئون أُجبروا على العودة بسبب الحرب والتوترات المتزايدة في لبنان. موضحاً: “هؤلاء العائدون يواجهون أخطاراً حقيقية، مثل الاعتقال أو التجنيد الإجباري أو الاستدعاءات الأمنية، ويعودون تحت الضغط وليس طوعاً. وبعد عودتهم، يعاني العديد منهم من ظروف معيشية قاسية، ويقضون أيامهم في خوف من القمع، أو يحاولون الهروب مرة أخرى من مناطق سيطرة النظام بحثاً عن الأمان، وقد وثقت المنظمات الحقوقية مؤخراً اعتقال عدد من العائدين وإجبار الشباب على الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى استدعاءات متكررة لمراجعة الأجهزة الأمنية، مما يزيد من المخاوف حول سلامتهم”.
وأضاف بكورة أن النظام، رغم ادعائه الاستعداد للتعاون، فهو في الواقع قد فقد الكثير من السيطرة على أجهزته الأمنية والعسكرية، وكذلك على الميليشيات والقوات الحليفة له. وأوضح أن حالة الفوضى الداخلية تجعل من المستبعد قدرة النظام على الوفاء بأي ضمانات يقدمها، حيث تعمل الفواعل الأمنية والعسكرية، سواء كانت سورية أو أجنبية، بشكل مستقل وخارج نطاق سيطرته المباشرة، مما يزيد من مخاطر تعرض العائدين لانتهاكات أو اعتقالات تعسفية. وأشار إلى أن ضعف بشار الأسد في السيطرة على الميليشيات يضعف من قدرته على الوفاء بأي وعود تتعلق بسلامة العائدين أو توفير الحماية لهم.
واستحضر بكورة الأخبار الواردة مؤخراً والتي تفيد بأن أجهزة نظام الأسد اعتقلت شابين في بلدة بقرص بريف دير الزور الشرقي، وحولتهما إلى التجنيد الإجباري، دون مراعاة الظروف القاهرة التي يمر بها الشابان وعائلاتهما نتيجة العودة تحت القصف. وفي السويداء، اعتقل النظام 4 شبان في حادثتين منفصلتين، أثناء الفرار من لبنان إلى الأراضي السورية، خلال تشرين الأول الحالي.
وأكد بكور على أهمية أن ترتبط أي جهود دولية لدعم السوريين العائدين قسراً، بسبب الحرب ونتيجة تخلي المجتمع الدولي عن واجب حمايتهم، بضمانات قانونية وإنسانية حقيقية تحميهم من الاعتقال التعسفي والتجنيد الإجباري وأي شكل من أشكال الاستغلال. كما ينبغي تقديم الدعم الإنساني عبر منظمات دولية مستقلة تضمن الشفافية والنزاهة، وتمنع استغلاله لأغراض سياسية، وذلك للحفاظ على المبادئ الإنسانية الأساسية.
واختتم بكورة تصريحه بالقول: “إننا ندرك تماماً حجم التحديات الكبيرة التي تواجه غراندي وفريقه في تنفيذ المهام الإنسانية، ونؤمن أن التعاون المستمر بين المفوضية السامية والمجتمع الدولي أمر ضروري لتحقيق نتائج إنسانية عادلة ومستدامة. ونحن على ثقة بأن التزامهم الراسخ بحماية حقوق الإنسان واللاجئين سيظل حاضراً في كل خطوة. كما نؤكد أن الحل السياسي الشامل، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، والانتقال السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء كل الأزمات في البلاد وضمان عودة السوريين إلى وطنهم بكرامة وأمان”.