شدد رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة على التمسك بإطار الحل السياسي كموقف ثابت للائتلاف الوطني، معتبراً أن تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في العام 2015 هو الحل الوحيد الممكن للمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب والانتقال بسورية إلى سلام قابل للاستدامة .
وفي لقاء مع موقع غلوبال جستس، لفت البحرة إلى أنه لا يمكن لأي طرف أن يحقق أي حسم عسكري في سورية، بسبب القوى العسكرية المختلفة الموجودة على الأراضي السورية واختلاف مصالحها، مضيفاً أن هذه القوى لن تخرج من سورية دون اتفاق سياسي، الذي حدد إطاره العام وفق قرار مجلس الامن رقم 2254، حيث اعتبر البحرة أن القرار يتناول قراءة حقيقية وواقعية لحلول قابلة للتطبيق، ومقنعة للشعب السوري، تشجعهم على البقاء في وطنهم وتقنع اللاجئين والنازحين منهم لإتخاذ قرار العودة الطوعية.
وأكد البحرة أن تنفيذ القرار المذكور هو الحل القادر على إعادة توحيد سورية أرضاً وشعباً، وإخراج الميليشيات الأجنبية بقوة الإجماع الدولي، ولاحقاً انسحاب القوات الأجنبية النظامية، مشيراً إلى أن جميع هذه الأسباب تدفع الأطراف كافة للالتزام بمبدأ العمل القائم على أن تنفيذ القرار 2254 هو الحل الوحيد القابل للاستدامة، وما عداه حلول مؤقتة لا تملك مقومات الحل القادر على الانتقال بسورية إلى مرحلة السلام المستدام.
ولفت البحرة إلى أن السياسات التركية تضع مصالح الدولة والشعب التركي في المقدمة، فهذا واجب حكومة وقيادة أي دولة، كما هو واجب الائتلاف الوطني وضع مصالح الشعب السوري وسورية في المقدمة.
ولفت البحرة إلى ضرورة التفريق بين الوسائل والأهداف، موضحاً أن أهداف أنقرة تركز على عدة أمور، وهي القضاء على التنظيمات الانفصالية الإرهابية والميليشيات المرتبطة بها التي تشكل تهديداً مباشراً لأمنها، وهو هدف يتلاقى مع مصالح الشعب السوري ومصالحه الوطنية.
وأضاف أن الهدف الثاني هو إقناع اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها بالعودة الطوعية إلى سورية، وإقناع ملايين النازحين المتواجدين على المناطق الحدودية بالعودة إلى مواطن سكنهم الأصلية، معتبراً أن ذلك أيضاً يتلاقى مع رغبات السوريين في حال تهيئة الظروف المناسبة والضمانات المقنعة والمحفزة لهم لاتخاذ هذا القرار طوعياً.
وأشار البحرة إلى أن الهدف الثالث لتركيا هو ضمان أمن واستقرار المناطق الحدودية المحاذية لحدودها داخل سورية، وضبطها لمكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات وتجارة الهجرة غير الشرعية، وقال إن كل هذه الأهداف لا يمكن الوصول إليها إلا بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام القابلين للاستدامة في سورية ككل، مضيفاً أن هذا الهدف يشكل أيضاً نقطة تلاقٍ مع المصالح الوطنية السورية، حيث إنه لا أحد يريد أن تكون سورية موطئ قدم أو نقطة انطلاق لأي نشاط يهدد أمن واستقرار دول الجوار، كما لا يريد أن تكون تلك الدول موطئ قدم لما يهدد أمن واستقرار سورية وشعبها.
وبيّن البحرة أن الهدف الأخير الذي تسعى إليه تركيا، هو إعادة بناء علاقات حسن الجوار مع سورية دولة وشعباً، لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري، وإعادة تشغيل خطوط تجارة الترانزيت بين أوروبا والدول العربية عبر تركيا، وبما يسمح لها من الاستفادة من مرحلة إعادة الإعمار في سورية عند تحقيق الحل السياسي القابل للاستدامة، وهو أيضاً ما يتلاقى مع المصالح الوطنية السورية، حيث إن عمليات إعادة الإعمار تتطلب مساهمة الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية.
وشدد البحرة على أن ما تتوقعه تركيا كنتائج لسياساتها هو تحقيق الأهداف أعلاه وليس “التطبيع” من أجل “التطبيع” الذي تراه وفق رؤيتها محفّزاً وأداة، ونحن نتوافق على أن تحقيق كل تلك الأهداف بشكل قابل للاستدامة يرتبط بشكل عضوي مع تحقيق الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، عبر تفعيل العملية السياسية التفاوضية بين قوى الثورة والمعارضة والنظام لتصبح عملية مجدية.
ولفت البحرة إلى أن اللقاء مع وزير الخارجية التركي قبل أسبوع، كان يحمل الكثير من الدعم لجهود الحوار والتفاوض الهادف والواقعية التي من شأنها تمهيد الطريق لحل سياسي شامل في سورية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأكد أن أي حل سياسي يجب أن يكون مقنعاً للغالبية العظمى من السوريين، وقابلاً للتنفيذ بضمانات واضحة غير قابلة للتراجع، ويؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام المستدامين، مشدداً على أن هذه هي أسس الحل الواقعي والمنطقي، وهي الأسس والقضايا التي توجب الحل بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 كونه الوحيد القابل للاستدامة.
وأشار إلى أن الحل غير الواقعي هو الحل الذي يحاول القفز فوق المشاكل والقضايا الأساسية والذي يتجاوز مظلومية الشعب السوري وتطلعاته، التي ثار من أجلها، ولا يضع حلولاً نهائية لها، بما يؤدي إلى فشله، لافتاً إلى أن أكبر إثبات لذلك هو الأوضاع الحالية في سورية، حيث الجميع يشاهد فشل الحلول المجتزأة التي قفزت فوق الواقع والمنطق عندما وتجاوزت مظلوميات ومطالب الشعب السوري، وبالتالي فشلت في تحقيق الأهداف.
وتساءل البحرة حول الأوضاع في المناطق التي سيطر عليها النظام ضمن حلول مؤقتة، فهل تحقق الأمن والاستقرار في درعا أو حمص أو حلب أو غيرها من المناطق؟ هل أدت تلك الحلول إلى انخفاض الاحتياجات الإنسانية على الرغم من انخفاض مستويات العنف؟ هل انتعش الاقتصاد وعادت عجلته إلى الدوران؟ هل توقف السوريون عن الهجرة من سورية وطلب اللجوء في أصقاع العالم؟ أو هل اقتنع اللاجئون والنازحون واختاروا طوعياً العودة إلى وطنهم؟ هل انتهت مناطق النفوذ وتم إعادة توحيد سورية أرضاً وشعباً؟
وجدد البحرة التأكيد على أن أي حل يتجاوز القراءة المنطقية والواقعية لجذور المسببات التي دفعت الشعب للثورة، أو أدت إلى التدخل الأجنبي المباشر داخل سورية، سيطيل أمد معاناة السوريين، ويؤدي إلى المزيد من تدهور ما تبقى من مؤسسات الدولة، وبالتالي تفاقم الأوضاع في سورية ولن يحقق للدول أي حل لمشاكلها ذات العلاقة بما يجري في سورية، ويؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
المصدر: الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري
–